قوله: «خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة». قال القرطبي: الضمير عائد على غير مذكور، لكنه يفسره الحال والمُشاهَدة، يعني به الدنيا. وقال الطِّيبي: الضمير الأول يعود على الأُمة التي كانت فيها مريم، والثاني على هذه الأُمة. قال: ولهذا كرر الكلام تنبيهًا على أن حُكْم كل واحدة منها غير حُكْم الأخرى … قوله: «خير نسائها» خَبَر مُقدَّم، والضمير لمريم، فكأنه قال: مريم خير نسائها، أي: نساء زمانها. وكذا في خديجة، وقد جَزَم كثير من الشراح أن المراد نساء زمانها. انظر: «فتح الباري» (٧/ ١٣٥). تنبيه: خديجة ﵂ واست النبي ﷺ بمالها، وهذا النص في تفضيلها مطلقًا على زوجات النبي ﷺ، بينما نَشَرَتْ عائشة ﵂ عِلمه ﷺ. (٢) أخرجه مسلم (٢٤٣٧). قال ابن حجر «فتح الباري» (٧/ ١٣٧): ومما كافأ النبي ﷺ به خديجة في الدنيا: أنه لم يَتزوج في حياتها غيرها، فرَوَى مسلم من طريق الزُّهْري عن عروة عن عائشة قالت: لم يَتزوج النبي ﷺ على خديجة حتى ماتت. وهذا مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم بالأخبار. وفيه دليل على عِظم قدرها عنده، وعلى مزيد فضلها؛ لأنها أغنته عن غيرها، واختصت به بقَدْر ما اشترك فيه غيرها مرتين؛ لأنه ﷺ عاش بعد أن تزوجها ثمانية وثلاثين عامًا، انفردت خديجة منها بخمسة وعشرين عامًا، وهي نحو الثلثين من المجموع. ومع طول المدة فصان قلبها فيها من الغَيرة، ومِن نكد الضرائر الذي ربما حَصَل له هو منه ما يُشوَّش عليه بذلك، وهي فضيلة لم يشاركها فيها غيرها.