للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستحب طلبُ العفو من الأحياء للأموات، فعن جَرِير بن عبد الله قال: يَوْمَ مَاتَ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ (١)، قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ، حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ؛ فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الآنَ، ثُمَّ قَالَ: اسْتَعْفُوا لِأَمِيرِكُمْ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ العَفْوَ.

ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ ، قُلْتُ: أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلَامِ، فَشَرَطَ عَلَيَّ: «وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا، وَرَبِّ هَذَا المَسْجِدِ إِنِّي لَنَاصِحٌ لَكُمْ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَنَزَلَ (٢).

قصص مُرغِّبة في العفو:

منها: قصة الرُّبَيِّع بنت النضر ، في كسر سِنة.

فعن أنس ، أَنَّ الرُّبَيِّعَ-وَهِيَ ابْنَةُ النَّضْرِ- كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأَرْشَ (٣)، وَطَلَبُوا العَفْوَ فَأَبَوْا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ ، فَأَمَرَهُمْ بِالقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقَالَ: «يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ» فَرَضِيَ القَوْمُ وَعَفَوْا، فَقَالَ النَّبِيُّ : «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ، لَأَبَرَّهُ» (٤).


(١) أسأل الله أن يعينني على ترجمة له، والاستفادة من ذكائه.
(٢) أخرجه البخاري (٥٨) واللفظ له، ومسلم (٥٦) دون الشاهد الموقوف.
(٣) في «القاموس المحيط» (ص: ٥٨٤): «الأرْشُ: الدِّيَةُ والخَدْشُ، وطَلَبُ الأرْشِ»
(٤) أخرجه البخاري (٢٧٠٣)، ومسلم (١٦٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>