أحدهما: أن الله -تعالى- قد فرق بين دار الإسلام ودار الكفر، فلا يجوز لمسلم أن يساكن الكفار في بلادهم، حتى إذا أوقدوا نارًا كان منهم بحيث يراها، فجعل الرؤية للنار ولا رؤية لها، فإن معنى «تراءى: ناراهما» -ترى نار هذا نار ذاك وإنما الغرض أن تدنوا هذه، يقال: داري تنظر إلى دار فلان أي: تقابلها. والثاني: أنه أراد الحرب تقول: هذه تدعوا إلى الله، وهذه تدعوا إلى الشيطان فكيف يتفقان؟ فكيف يساكنهم في بلادهم وهذه حال هؤلاء وهذه حال هؤلاء؟!. والثالث: أن معناه: لا يتسم المسلم بسمة المشرك ولا يتشبه به في هديه وشكله والعرب تقول: ما نار إبل أي: ما سمتها ومن ذلك قولهم: نارها ما بخارها أي: بسيمتها تدل على كرمها وعتقها، ومنه قول الشاعر: قد سقيت إبلهم بالنار … والنار قد تشفي من الأوار المعنى: أنهم يعرفون إبلهم بسيماتها التي يسمونها بها فيقدمونها في السقي الشافي على غيرها. والسمة إنما تكون بالحديدة التي تحمى بالنار ثم تكوى بها الإبل وغيرها. وقوله ﷺ هذا الجواب عاريا من حرف التعليل مستعملا على طريق التشبيه والتجوز والاتساع، فيه من الفصاحة والبلاغة والإشارة اللطيفة المعروفة من كلامه؛ ما ليس في ظهور ذلك في الخطاب يعرفه ممن كان ذا خاطر لماح وذوق دراك والله أعلم. كما في «الشافي شرح مسند الشافعي» (٥/ ٢٢٦) لأبي السعادات ابن الأثير. والرابع: أي لا يجتمعان في الآخرة، ويبعد كل واحد منهما من صاحبه. كما في «إكمال المعلم بفوائد مسلم» (٧/ ٢٢١).