للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاصة: أن رواية عبد العزيز بن أبي حازم ومَن تابعه أرجح لديّ؛ لرواية الابن عن أبيه، والاختلاف على محمد بن جعفر، وأخرجه مسلم دون شك.

وكَتَب شيخنا معي بتاريخ (٢١) ذي القعدة (١٤٤٤ هـ) الموافق (١٠/ ٦/ ٢٠٢٣ م): اذكر وجوه الخلاف (١).


(١) قال ابن حجر في «فتح الباري» (١١/ ٣٧٥): قوله: قال سهل أو غيره: «ليس فيها مَعْلَم لأحد» هو موصول بالسند المذكور، وسهل هو راوي الخبر، و «أو» للشك، والغير المبهم لم أقف على تسميته. ووقع هذا الكلام الأخير لمسلم من طريق خالد بن مخلد عن محمد بن جعفر مدرجًا بالحديث، ولفظه: «ليس فيها علم لأحد» ومثله لسعيد بن منصور عن ابن أبي حازم عن أبيه.
و «العَلَم» و «المَعْلَم» بمعنى واحد، قال الخَطَّابي: يريد أنها مستوية، و «المَعْلَم» بفتح الميم واللام بينهما مهملة ساكنة: هو الشيء الذي يُستدَل به على الطريق.
وقال عياض: المراد أنها ليس فيها علامة سكنى ولا بناء ولا أثر، ولا شيء من العلامات التي يُهتدَى بها في الطرقات، كالجبل والصخرة البارزة، وفيه تعريض بأرض الدنيا وأنها ذهبت وانقطعت العلاقة منها.
وقال الداودي: المراد أنه لا يحوز أحد منها شيئًا إلا ما أدرك منها.
وقال أبو محمد بن أبي جمرة: فيه دليل على عظيم القدرة والإعلام بجزئيات يوم القيامة؛ ليكون السامع على بصيرة فيُخلِّص نفسه من ذلك الهول؛ لأن في معرفة جزئيات الشيء قبل وقوعه رياضة النفس وحملها على ما فيه خلاصها، بخلاف مجيء الأمر بغتة. وفيه إشارة إلى أن أرض الموقف أكبر من هذه الأرض الموجودة جدًّا. والحكمة في الصفة المذكورة أن ذلك اليوم يوم عدل وظهور حق، فاقتضت الحكمة أن يكون المحل الذي يقع فيه ذلك طاهرًا عن عمل المعصية والظلم، وليكون تجليه سبحانه على عباده المؤمنين على أرض تليق بعظمته. ولأن الحكم فيه إنما يكون لله وحده، فناسب أن يكون المحل خالصًا له وحده. انتهى ملخصًا.
وفيه إشارة إلى أن أرض الدنيا اضمحلت وأُعدمت، وأن أرض الموقف تجددت، وقد وقع للسلف في ذلك خلاف في المراد بقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾ هل معنى تبديلها تغيير ذاتها وصفاتها؟ أو تغيير صفاتها فقط؟ وحديث الباب يؤيد الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>