(٢) في «الجنى الداني في حروف المعاني» (ص: ١٥٨): ذهب قوم إلى أن الواو للترتيب. ولكن قال هشام والدِّينَوَري: إن الواو لها معنيان: معنى اجتماع، فلا تبالي بأيتهما بدأتَ، نحو: (اختصم زيد وعمرو)، و (رأيتُ زيدًا وعَمْرًا) إذا اتحد زمان رؤيتهما. ومعنى اقتران، بأن يختلف الزمان، فالمتقدم في الزمان يتقدم في اللفظ، ولا يجوز أن يتقدم المتأخر. وعن الفراء أنها للترتيب حيث يستحيل الجمع. وقد عُلِم بذلك أن ما ذكره السيرافي والفارسي والسُّهيلي، من إجماع النحاة، بصريهم وكوفيهم، على أن الواو لا ترتب - غير صحيح. قال ابن الخباز: وذهب الشافعي، ﵁ إلى أنها للترتيب. ويقال: نَقَله عن الفراء. وقال إمام الحرمين في «البرهان»: اشتهر من مذهب أصحاب الشافعي أنها للترتيب، وعند بعض الحنفية للمعية، وقد زل الفريقان. وقال النووي في آية الوضوء من «المجموع» (١/ ٤٤٥): ذَكَر أصحابنا من الآية دليلين آخرين ضعيفين لا فائدة في ذكرهما إلا للتنبيه على ضعفهما؛ لئلا يُعَوَّل عليهما: أحدهما: أن الواو للترتيب، ونقلوه عن الفراء وثعلب. وزَعَم الماوردي أنه قول أكثر أصحابنا. واستشهدوا عليه بأشياء وكلها ضعيفة الدلالة. وكذلك القول بأن الواو للترتيب ضعيف. قال إمام الحرمين في كتابه «الأساليب»: صار علماؤنا إلى أن الواو للترتيب، وتكلفوا نقل ذلك عن بعض أئمة العربية، واستشهدوا بأمثلة فاسدة. قال: والذي نقطع به أنها لا تقتضي ترتيبًا، ومَن ادعاه فهو مكابر، فلو اقتضت لما صح قولهم: (تَقاتَل زيد وعمرو) كما لا يصح (تَقاتَل زيد ثم عمرو). وهذا الذي قاله الإمام هو الصواب المعروف لأهل العربية وغيرهم.