للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله : «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ» (١).

قال ابن حجر: في الجمع بين هذين الحديثين بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ:

١ - إِمَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا وَرَدَ مِنْ الذَّمِّ عَلَى عَاقِبَة ذَلِكَ، وَمَحَلّهُ مَا إِذَا اِشْتَغَلَ بِهِ فَضَيَّعَ بِسَبَبِهِ مَا أُمِرَ بِحِفْظِهِ.

٢ - وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يُضَيِّعْ، إِلَّا أَنَّهُ جَاوَزَ الْحَدَّ فِيهِ.

٣ - وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّ كَلَام أَبِي أُمَامَةَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، أَمَّا مَنْ لَهُ عُمَّالٌ يَعْمَلُونَ لَهُ، وَأَدْخَلَ دَاره الْآلَةَ الْمَذْكُورَة لِتُحْفَظ لَهُمْ، فَلَيْسَ مُرَادًا.

٤ - وَيُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى عُمُومِهِ؛ فَإِنَّ الذُّلَّ شَامِل لِكُلِّ مَنْ أَدْخَلَ عَلَى نَفْسهِ مَا يَسْتَلْزِمُ مُطَالَبَة آخَرَ لَهُ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْمُطَالِبُ مِنَ الْوُلَاةِ.

٥ - وَعَنِ الدَّاوُدِيِّ: هَذَا لِمَنْ يَقْرُبُ مِنَ الْعَدُوِّ، فَإِنَّهُ إِذَا اِشْتَغَلَ بِالْحَرْثِ لَا يَشْتَغِلُ بِالْفُرُوسِيَّةِ، فَيَتَأَسَّدُ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ، فَحَقّهُمْ أَنْ يَشْتَغِلُوا بِالْفُرُوسِيَّةِ، وَعَلَى غَيْرِهِمْ إِمْدَادُهُمْ بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ (٢).


(١) أخرجه البخاري (٢٣٢٠)، ومسلم (١٥٥٣).
(٢) «فتح الباري» (٥/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>