للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» رقم (٣٠٣٣٥): حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ (١)، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ الزُّبَيْدِيِّ قَالَ: وَقَعَ الطَّاعُونُ بِالشَّامِ، فَقَامَ مُعَاذٌ بِحِمْصَ فَخَطَبَهُمْ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الطَّاعُونَ رَحْمَةُ رَبِّكُمْ، وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ ، وَمَوْتُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكَمْ، اللَّهُمَّ اقْسِمْ لِآلِ مُعَاذٍ نَصِيبَهُمُ الْأَوْفَى مِنْهُ.

فَلَمَّا نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُعَاذٍ قَدْ أُصِيبَ! فَقَالَ: «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ نَحْوَهُ، فَلَمَّا رَآهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مُقْبِلًا، قَالَ إِنَّهُ ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ [البقرة: ١٤٧]، قَالَ: فَقَالَ: يَا بُنَيَّ ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ [الصافات: ١٠٢].

قَالَ: فَمَاتَ آلُ مُعَاذٍ إِنْسَانًا إِنْسَانًا، حَتَّى كَانَ مُعَاذٌ آخِرَهُمْ. قَالَ: فَأُصِيبَ فَأَتَاهُ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ الزُّبَيْدِيُّ. قَالَ: فَأُغْشِيَ عَلَى مُعَاذٍ غَشْيَةً.

قَالَ: فَأَفَاقَ مُعَاذٌ وَالْحَارِثُ يَبْكِي. قَالَ: فَقَالَ مُعَاذٌ: «مَا يُبْكِيكَ؟!» قَالَ: أَبْكِي عَلَى الْعِلْمِ الَّذِي يُدْفَنُ مَعَكَ! قَالَ: فَقَالَ: فَإِنْ كُنْتَ طَالِبًا لِلْعِلْمِ لَا مَحَالَةَ، فَاطْلُبْهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَمِنْ عُوَيْمِرٍ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَمِنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ. قَالَ: «وَإِيَّاكَ وَزَلَّةَ الْعَالِمِ» قَالَ: فَقُلْتُ: وَكَيْفَ لِي - أَصْلَحَكَ اللَّهُ - أَنْ أَعْرِفَهَا؟ قَالَ: «إِنَّ لِلْحَقِّ نُورًا يُعْرَفُ بِهِ».


(١) في بعض الطرق بزيادة عبد الرحمن بن غَنْم بين شهر والحارث. وتارة عن زوج أمه. والاختلاف فيه من شهر بن حَوْشَب.

<<  <  ج: ص:  >  >>