للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى جِبَالَ مُهْرَةَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ آتِ لأَسِيرٍ فَأُفَادِيَهُ وَلا لِمَرِيضٍ فَأُدَاوِيَهُ، فَاسْقِ عَبْدَكَ مَا أَنْتَ مُسْقِيهِ وَاسْقِ مَعَهُ مُعَاوِيَةَ بْنَ بَكْرٍ شَهْرًا، وَيَشْكُرُ لَهُ الْخَمْرَ الَّتِي شَرِبَهَا عِنْدَهُ!

فَمَرَّتْ بِهِ سَحَابَاتٌ سُودٌ، فَنُودِيَ مِنْهَا أَنِ اخْتَرِ السَّحَابَ. فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ لَسَحَابَةٌ سَوْدَاءُ. قَالَ: فَنُودِيَ مِنْهَا: أَنْ خُذْهَا رَمَادًا رِمْدِدًا لا تَدَعْ مِنْ عَادٍ أَحَدًا.

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يُرْسَلْ عَلَيْهِمْ مِنَ الرِّيحِ إِلَّا كَقَدْرِ مَا يَجْرِي فِي الْخَاتَمِ (١).


(١) إسناده حسن: رواه سَلَّام أبو المنذر، واختُلف عليه، فرواه عفان بن مسلم في «حديثه» (٣٥٠) وعنه ابن سعد في «الطبقات» (٦/ ٣٥)، عن سَلَّام عن عاصم بن أبي النَّجُود عن أبي وائل عن الحارث بن حسان، به.
وعَطَف الطبراني في «المعجم الكبير» (٣٣٢٥) محمدَ بن مَخْلَد الحضرمي على عفان بن مسلم.
وتابعهما أبو بكر - هو ابن أبي شيبة - أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (٢/ ٢٦٠)، وأبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (٢٠٩٠) مختصرًا.
وخالفهم زيد بن حُباب فزاد: «أعوذ بالله ورسوله» وقال: الحارث بن يزيد البكري. أخرجه أحمد (١٥٥٢٤)، والطبري في «تفسيره» (١٣٦٣٠)، والترمذي (٣٢٧٣) وقال: قد روى غير واحد هذا الحديث عن الحارث بن حسان، ويقال له: الحارث بن يزيد.
والظاهر أن زيادة «ورسوله» من أخطاء زيد بن حُبَاب. وقد قال فيه الإمام أحمد: صاحب حديث، كَيِّس. ومرة: كان صدوقًا، ولكن كان كثير الخطأ.
ومما يؤيد ذلك أن ابن عُيينة تابع عفان بدون الزيادة، لكنه خالفه في السند فقال: (رجل من ربيعة) بدل (الحارث بن حسان). أخرجه الترمذي (٣٢٧٣).
وتابع سَلَّامًا أبا المنذر بدونها وبإسقاط أبي وائل - أبو بكر بن عياش، أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٣٦٢٩) وفي «العظمة» (٨٢١).
وقال الحازمي في «الفيصل في مشتبه النسبة» (١/ ٢٨٧): واختُلف في حديثه: منهم مَنْ يقول: (أبو وائل عنه) ومنهم مَنْ يقول: (عاصم بن بهدلة عن الحارث) لا يُذْكَر فيه أبو وائل، والصحيح إثباته.
ووافقه ابن كَثير في «البداية والنهاية» (٧/ ٣٤٥).
وسَلَّام أبو المنذر قال فيه البخاري: أحفظ لحديث عاصم من حماد بن زيد. وعاصم مُختلَف فيه، وأرى تحسين حديثه. بينما خالفني شيخنا أبو عبد الله العدوي حفظه الله، فقال: عاصم لا أراه يَتحمل المتن.
وأخرجه أبو نُعيم في «معرفة الصحابة» (٢٠٩٣) من طريق سِمَاك بن حرب، عن الحارث بن حسان، نحوه.
وقال ابن كَثير في «تفسيره» (٧/ ٢٨٦): وَقَدْ وَرَدَ حَدِيثٌ فِي قِصَّتِهِمْ، وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا مِنْ غَرَائِبِ الْحَدِيثِ وَأَفْرَادِهِ.
وحَسَّنه العَلَّامة الألباني في «الضعيفة» (١/ ١٢٢).
تنبيه: قد وردت الاستعاذة بالمخلوق فيما يَقدر عليه في عدد من النصوص، منها ما أخرج مسلم (١٦٥٩): عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ غُلَامَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ! قَالَ: فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ، فَقَالَ: أَعُوذُ بِرَسُولِ اللهِ! فَتَرَكَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «وَاللهِ لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ» قَالَ: فَأَعْتَقَهُ.
وأخرج مسلم (١٦٥٩): عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ سَرَقَتْ، فَأُتِيَ بِهَا النَّبِيُّ ، فَعَاذَتْ بِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «وَاللهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» فَقُطِعَتْ.
وأخرج مسلم (٢٨٨٢): «يَعُوذُ عَائِذٌ بِالْبَيْتِ، فَيُبْعَثُ إِلَيْهِ بَعْثٌ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ».

<<  <  ج: ص:  >  >>