للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَدَوِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا مِجْلَزٍ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا، زَمَانًا مِنْ عُمْرِهِ، مَا كَانَ مِنْهُ عَيْنًا، يَعْنِي يَدًا بِيَدٍ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ، فَلَقِيَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَلَا تَتَّقِي اللهَ؟ إِلَى مَتَى تُؤَكِّلُ النَّاسَ الرِّبَا؟ أَمَا بَلَغَكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ عِنْدَ زَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ: إِنِّي لأَشْتَهِي تَمْرَ عَجْوَةٍ، فَبَعَثَتْ صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَجَاءَتْ بَدَلَ صَاعَيْنِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ عَجْوَةٍ، فَقَامَتْ، فَقَدَّمَتْهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ، فَلَمَّا رَآهُ أَعْجَبَهُ، فَتَنَاوَلَ تَمْرَةً، ثُمَّ أَمْسَكَ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: بَعَثْتُ صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَتَانَا بَدَلَ صَاعَيْنِ هَذَا الصَّاعُ الْوَاحِدُ، وَهَا هُوَ كُلْ، فَأَلْقَى التَّمْرَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، فَقَالَ: رُدُّوهُ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، التَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، يَدًا بِيَدٍ، عَيْنًا بِعَيْنٍ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ رِبًا، ثُمَّ قَالَ: كَذَلِكَ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ أَيْضًا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَزَاكَ اللهُ يَا أَبَا سَعِيدٍ الْجَنَّةَ، فَإِنَّكَ ذَكَّرْتَنِي أَمْرًا كُنْتُ نَسِيتُهُ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فَكَانَ يَنْهَى عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ (١).

وتابع الحسن بن مكرم إسحاق أخرجه ابن بشران في «أماليه» (١٤٤٢) وتابع روح بن عبادة يونس بن محمد أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (١٠٦١٧) وتابعهما إبراهيم بن الحجاج أخرجه ابن عدي في «الكامل» (٣/ ٣٤٦).


(١) قال ابن حجر في «إنباء الغمر» (٤/ ١٣٠): سمع يونس بن حسين (مولده/ ٧٥٧) مدرساً يذكر مسألة الصرف وقول أبي سعيد لابن عباس: إلى متى تؤكل الناس الربا؟ فاشتد إنكاره ونزه ابن عباس عن ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>