للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: أَصَبْنَا سَبَايَا، فَكُنَّا نَعْزِلُ، ثُمَّ سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَنَا: «وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟ وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟ وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟ مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ» (١).

ومنها ما يُفْهَم منه النهي عن العزل، فَعَنْ جُدَامَةَ (٢) بِنْتِ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّةِ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ (٣)، حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ، فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ» (٤).

• أقوال العلماء:

قال ابن عبد البر في «التمهيد» (٢/ ٤٩٤):

وكذلك لا خلاف بين العلماء أيضًا في أن الحرة لا يُعْزَل عنها إلا بإذنها؛ لأن الجماع من حقها، ولها المطالبة به، وليس الجماع المعروف التام إلا أن لا يَلحقه العزل.

وقال ابن حجر في «فتح الباري» (٩/ ٣٠٨): ووافقه في نقل هذا الإجماع ابن هُبَيْرة.

• وتُعقِّب بأن المعروف عند الشافعية:

أن المرأة لا حق لها في الجماع أصلًا (٥) ثم في خصوص هذه المسألة عند


(١) أخرجه البخاري (٥٢١٠)، ومسلم (١٤٣٨) واللفظ لمسلم.
(٢) وقيل بالذال، وصَوَّب مسلم عقب الحديث أنه بالدال.
(٣) بكسر الغين، ومعناها عند الأكثر أن يَمَس الرجل امرأته وهي ترضع. أفاده ابن عبد البر عن الإمام مالك.
(٤) أخرجه مسلم (١٤٤٢).
(٥) قال النووي في «شرحه على مسلم» (٢/ ٩): وهو مكروه عندنا في كل حال وكل امرأة، سواء رضيت أم لا؛ لأنه طريق إلى قطع النسل؛ ولهذا جاء في الحديث الآخَر تسميته الوأد الخفي؛ لأنه قَطْع طريق الولادة كما يُقتَل المولود بالوأد.
وأما التحريم فقال أصحابنا: لا يَحرم في مملوكته ولا في زوجته الأَمَة، سواء رَضِيَتا أم لا؛ لأن عليه ضررًا في مملوكته بمصيرها أُم ولد وامتناع بيعها، وعليه ضرر في زوجته الرقيقة بمصير ولده رقيقًا تبعًا لأمه.
وأما زوجته الحرة، فإِنْ أَذِنَتْ فيه لم يَحرم، وإلا فوجهان.

<<  <  ج: ص:  >  >>