للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ ابْنَيْ أَبِي حَقِيقٍ، وَأَحَدُهُمَا زَوْجُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ وَقَسَمَ أَمْوَالَهُمْ؛ لِلنَّكْثِ الَّذِي نَكَثُوهُ، وَأَرَادَ أَنْ يُجْلِيَهُمُ مِنْهَا، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ دَعْنَا نَكُونُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ نُصْلِحُهَا وَنَقُومُ عَلَيْهَا. وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ وَلَا لِأَصْحَابِهِ غِلْمَانُ يَقُومُونَ عَلَيْهَا، فَكَانُوا لَا يَتَفَرَّغُونَ أَنْ يَقُومُوا، فَأَعْطَاهُمْ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الشَّطْرَ مِنْ كُلِّ زَرْعٍ وَنَخْلٍ وَشَيْءٍ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ .

وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ كُلَّ عَامٍ يَخْرُصُهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ الشَّطْرَ. قَالَ: فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ شِدَّةَ خَرْصِهِ، وَأَرَادُوا أَنْ يَرْشُوهُ، فَقَالَ: «يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ، أَتُطْعِمُونِي السُّحْتَ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَلَأَنْتُمْ أَبْغَضُ إَلَيَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلَا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ»، فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ.

قَالَ: وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ بِعَيْنَيْ صَفِيَّةَ خُضْرَةً، فَقَالَ: «يَا صَفِيَّةُ مَا هَذِهِ الْخُضَرَةُ؟» فَقَالَتْ: كَانَ رَأْسِي فِي حِجْرِ ابْنِ أَبِي حَقِيقٍ وَأَنَا نَائِمَةٌ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِي، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَلَطَمَنِي وَقَالَ: تَمَنَّيْنَ مَلِكَ يَثْرِبَ؟ قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ أَبْغَضِ النَّاسِ إِلَيَّ، قَتَلَ زَوْجِي وَأَبِي وَأَخِي، فَمَا زَالَ يَعْتَذِرُ إِلَيَّ وَيَقُولُ: «إِنَّ أَبَاكِ أَلَّبَ عَلَيَّ الْعَرَبَ وَفَعَلَ وَفَعَلَ» حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِي، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ كُلَّ عَامٍ، وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ.

فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ غَشُّوا الْمُسْلِمِينَ، وَأَلْقَوُا ابْنَ عُمَرَ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ مِنْ خَيْبَرَ، فَلْيَحْضُرْ حَتَّى نَقْسِمَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>