للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - (الخالق) أعم من (البارئ): قال الزَّجَّاج: البَرْء خَلْق على صفة، فكل مبروء مَخْلُوق، وَلَيْسَ كل مَخْلُوق مبروءًا، وَذَلِكَ لِأَن الْبُرْء من تبرئة الشَّيء من الشَّيء، من قَوْلهم: برأتُ من الْمَرَض وبرئتُ من الدَّين، أَبْرَأ مِنْهُ. فبعض الخلق إذا فصل من بعض سُمي فاعله بارئًا. وَفِي الْأَيْمَان: لَا وَالَّذِي فلق الْحبَّة وبرأ النَّسمَة.

وَقَالَ أَبُو عَليّ: هُوَ الْمَعْنى الَّذِي بِهِ انفصلت الصُّور بَعْضهَا من بعض، فصورة زيد مُفَارِقَة لصورة عَمْرو، وَصُورَة حمَار مُفَارقَة لصورة فرس، فَتَبَارَكَ الله خَالِقًا وبارئًا (١).

• وقد يُحمَل البَرء على نقل الخَلْق وفصله من مرحلة سابقة إلى نفخ الرُّوح؛ لأَثَر علي .

فعنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ : هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنَ الوَحْيِ إِلَّا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَا وَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ (٢)، مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا فَهْمًا


(١) «تفسير أسماء الله» (ص: ٣٧) للزَّجَّاج.
(٢) أي: الرُّوح. ويؤيده ما أخرجه مالك في «الموطأ» (٤٩) والنَّسَائي (١٥٧٧٨) وابن ماجه (٤٢٧١) وأحمد (١٥٧٧٨): عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَيْرٌ يَعْلَقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ».
وتابع مالكًا يونسُ بن يزيد.
أخرجه أحمد (١٥٧٨٠)، والليث بن سعد في الموصول عنه، أخرجه ابن حِبان (٤٦٥٧)، ومَعْمَر، أخرجه أحمد (١٥٧٧٦) وفي وجه عن عمرو بن دينار كرواية الجماعة عن الزُّهْري، أخرجه الحُميدي (٨٩٧) وفي وجه عن شُعيب بن أبي حمزة، أخرجه أحمد (١٥٧٨٧) وأبو أويس في وجه، أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (١٢١).
وخالفهم صالح - هو ابن كَيْسَان - فقال: عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، أنه بلغه أن كعب بن مالك قال. أخرجه أحمد (١٥٧٧٧).
وخالفهم زَمْعة بن صالح - وهو ضعيف - فأرسله. أخرجه الطيالسي (١٠٣١).
أورد البخاري في «التاريخ الكبير» خلافًا على بعض الرواة، وخَتَمه برواية الليث عن عُقيل عن الزُّهْري عن ابن لكعب مرسلًا.
والخلاصة: أن الأصح فيما سبق رواية مالك ومَن تابعه وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>