والثالث: ما أخرجه الحاكم في «مستدركه» رقم (٥٥٠٥) وعنه البيهقي (١٢٩٧٦): حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ، بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنِي عَلَيْهَا، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ رَقَّ رِقَّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: «إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا، فَافْعَلُوا» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. وَرَدُّوا عَلَيْهِ الَّذِي لَهَا.
قَالَ: وَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ مُسْلِمًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اللهُ أَعْلَمُ بِإِسْلَامِكَ، فَإِنْ يَكُنْ كَمَا تَقُولُ فَاللهُ يَجْزِيكَ، فَافْدِ نَفْسَكَ وَابْنَيْ أَخَوَيْكَ: نَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَحَلِيفَكَ: عُتْبَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَحْدَمٍ، أَخَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ» فَقَالَ: مَا ذَاكَ عِنْدِي يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «فَأَيْنَ الْمَالُ الَّذِي دَفَنْتَ أَنْتَ وَأُمُّ الْفَضْلِ، فَقُلْتَ لَهَا: (إِنْ أُصِبْتُ فَهَذَا الْمَالُ لِبَنِيَّ: الْفَضْلِ وَعَبْدِ اللهِ وَقُثَمَ)؟» فَقَالَ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُهُ، إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ مَا عَلِمَهُ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُ أُمِّ الْفَضْلِ، فَاحْسِبْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَصَبْتُمْ مِنِّي عِشْرِينَ أُوقِيَّةً مِنْ مَالٍ كَانَ مَعِي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَفْعَلُ».
فَفَدَى الْعَبَّاسُ نَفْسَهُ وَابْنَيْ أَخَوَيْهِ وَحَلِيفَهُ، وَأَنْزَلَ اللهُ ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلِمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ فَأَعْطَانِي مَكَانَ الْعِشْرِينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute