والمنطوق هو النظر إلى المعنى المفاد من التراكيب كجاء محمد وقام زيد فإسناد الفعل إلى الفاعل تبين منه حصول المجيء من محمد والقيام من زيد. والمفهوم قد يوافق المنطوق وهذا كثير وهو الأصل وقد يخالف المنطوق وفيه الفهم والتدبر مثال ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ [النور: ٣٣] فلو كان الأمر أو الحكم على المنطوق لكان المعنى فإن لم يردن تحصنا فذرهن وهذا مخالف لما عليه شرع الله تعالى. وورد في تفسيرها سبب نزول عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: "كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ يَقُولُ لِجَارِيَةٍ لَهُ: اذْهَبِي فَابْغِينَا شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللهُ ﷿: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ﴾ [النور: ٣٣] لَهُنَّ ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٣] " أخرجه مسلم (٣٠٢٩). فعلى هذا السبب فلا إشكال في الآية. وإن كان التفسير بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كان المراد والله أعلم تحريض الإماء على التحصن بالعفة أو الإسلام وهن ضامنات أن أسيادهن لن يكرهوهن على ذلك.