للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• أما الأدلة العامة في الجائحة من كتاب الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾ [يونس: ٢٤] وقال تعالى: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (٤٢) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا﴾ [الكهف: ٤٢، ٤٣] وقال جل ذكره: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ [البقرة: ٢٦٦].

• وأما الأدلة الخاصة من سُنة النبي ، فأربعة أخبار:

الأول: حَدِيثُ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَنْ بَاعَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْ أَخِيهِ شَيْئًا، عَلَى مَاذَا يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟!» خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ جَابِرٍ (١).

وَمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ» (٢).


(١) ولفظه: «لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا، فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟» وفي رواية: «إِنْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا».
(٢) أخرجه مسلم (١٥٥٤) وفي «سؤالات ابن الجنيد» (ص: ٣٢٠) (١٩٢): سمعتُ يحيى بن مَعِين وذَكَر حديثًا عن ابن عُيينة، عن حُميد الأعرج، عن سليمان بن عتيق، عن جابر، أن النبي أَمَر بوضع الجوائح. قال: «كان سفيان لا يُحَدِّث به، كان عليه فيه قول، فجاءه إنسان بشفاعة، فحدثه ونسي، ثم اذّكر، فقال: (آه)» فقال رجل ليحيى بن مَعِين: أكان ابن جريج يرويه؟ قال: «لا أعلمه».
قال الشافعي كما في «السُّنن الكبرى» (٥/ ٣٠٦): فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ الَّذِي لَمْ يَحْفَظْهُ سُفْيَانُ مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدٍ - دُلُّ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ بِوَضْعِهَا عَلَى مِثْلِ أَمْرِهِ بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ، وَعَلَى مِثْلِ أَمْرِهِ بِالصَّدَقَةِ تَطَوُّعًا حَضًّا عَلَى الْخَيْرِ لَا حَتْمًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ غَيْرُهُ. فَلَمَّا احْتَمَلَ الْحَدِيثُ الْمَعْنَيَيْنِ مَعًا، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَيُّهُمَا أَوْلَى بِهِ، لَمْ يَجُزْ عِنْدَنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمْ - أَنْ يَحْكُمَ عَلَى النَّاسِ فِى أَمْوَالِهِمْ بِوَضْعِ مَا وَجَبَ لَهُمْ بَلَا خَبَرٍ ثَبَتَ بِوَضْعِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>