للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• أقوال أهل العلم:

• قال السرخسي (ت/ ٤٨٣): وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فَاكِهَةً، فَأَكَلَ عِنَبًا أَوْ رُطَبًا أَوْ رُمَّانًا، لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رحمه الله تَعَالَى -، وَيَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رحمهما الله تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْفَاكِهَةَ مَا يُؤْكَلُ عَلَى سَبِيلِ التَّفَكُّهِ، وَهُوَ التَّنَعُّمُ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ أَكْمَلُ مَا يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ، وَمُطْلَقُ الِاسْمِ يَتَنَاوَلُ الْكَامِلَ، وَكَذَلِكَ الْفَاكِهَةُ مَا يُقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيِ الضِّيفَانِ لِلتَّفَكُّهِ بِهِ لَا لِلشِّبَعِ، وَالرُّمَّانُ وَالرُّطَبُ مِنْ أَنْفَسِ ذَلِكَ كَالتِّينِ.

وَأَبُو حَنِيفَةَ - رحمه الله تَعَالَى - يَقُولُ: هَذِهِ الْأَشْيَاءُ غَيْرُ الْفَاكِهَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ [الرحمن: ٦٨] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [عبس: ٢٨ - ٣١] فَتَارَةً عَطَفَ الْفَاكِهَةَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَتَارَةً عَطَفَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْفَاكِهَةِ، وَالشَّيْءُ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ، مَعَ أَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِ الْمِنَّةِ، وَلَا يَلِيقُ بِالْحِكْمَةِ ذِكْرُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فِي مَوْضِعِ الْمِنَّةِ بِلَفْظَيْنِ.

ثُمَّ الِاسْمُ مُشْتَقٌّ مِنَ التَّفَكُّهِ، وَهُوَ التَّنَعُّمُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ﴾ [المطففين: ٣١] أَيْ: مُتَنَعِّمِينَ، وَذَلِكَ مَعْنًى زَائِدٌ عَلَى مَا بِهِ الْقِوَامُ وَالْبَقَاءُ، وَالْعِنَبُ وَالرُّطَبُ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا الْقِوَامُ، وَقَدْ يُجْتَزَأ بِهِمَا فِي بَعْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>