قالوا: والرِّهان لم يُحَرَّم جملة؛ فإن النبي ﷺ راهن في تسبيق الخيل كما تَقَدَّم، وإنما الرهان المُحَرَّم: الرِّهان على الباطل الذي لا منفعة فيه في الدِّين. وأما الرهان على ما فيه ظهور أعلام الإسلام وأدلته وبراهينه - كما قد راهن عليه الصِّديق - فهو من أحق الحق، وهو أَوْلى بالجواز من الرهان على النضال وسباق الخيل والإبل؛ إذ تأثير هذا في الدِّين أقوى؛ لأن الدِّين قام بالحجة والبرهان، وبالسيف والسِّنان، والمقصد الأول إقامته بالحُجة، والسيف مِنْ بَعْد.
قالوا: وإذا كان الشارع قد أباح الرِّهان في الرمي، والمسابقة بالخيل والإبل؛ لِما في ذلك من التحريض على تعلم الفروسية وإعداد القوة للجهاد؛ فجواز ذلك في المسابقة والمبادرة إلى العلم والحُجة التي بها تُفتَح القلوب ويَعز الإسلام وتَظهر أعلامه - أَوْلَى وأَحْرَى.
وإلى هذا ذهب أصحاب أبي حنيفة، وشيخ الإسلام أبو العباس ابن عبد الحليم.
قال أرباب هذا القول: والقِمار المُحرَّم هو أكل المال بالباطل، فكيف يُلْحَق به أكله بالحق؟!
قالوا: والصِّديق لم يُقامِر قَطُّ في جاهلية ولا إسلام، ولا أَقَر رسولُ الله ﷺ على قِمار، فضلًا عن أن يأذن فيه.