فهذان الوجهان يَجوزان في كل ما ذكرنا، ولا يَجوز إعطاء مال في سبق غير هذا أصلًا؛ للخبر الذي ذكرنا آنفًا. فإن أراد أن يُخْرِج كل واحد منهما مالًا يكون للسابق منهما لم يَحِلّ ذلك أصلًا.
قال أبو محمد: ما عدا هذا فهو أكل مال بالباطل، وبالله تعالى التوفيق.
وقال ابن حزم - علي بن أحمد - (ت/ ٤٥٦) في «مراتب الإجماع»(ص: ١٥٧): ولا أعلم خلافًا في إباحة أن يَجعل السلطان أو الرجل شيئًا من ماله للسابق في الخيل خاصة، ولا أعلم خلافًا في إباحة إخراج أحد المتسابقين بالقوسين المتساويتين من ماله شيئًا مسمى، فإن سَبَقه الآخَر أَخَذه، وإن سَبَق هو أحرز ماله ولم يَغرم له الآخَر شيئًا.
• الفائدة الخامسة: اختَلف أهل العلم في إحكام هذا الحديث ونَسْخه، على قولين:
- فادعت طائفة نسخه بنهي النبي ﷺ عن الغَرَر والقِمار.
قالوا: ففي الحديث دلالة على ذلك، وهو قوله: وذلك قبل تحريم الرهان.
قالوا: ويدل على نسخه ما رواه الإمام أحمد وأهل السُّنن، من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «لا سَبَق إلا في خُفّ أو حافر أو نَصْل».
والسَّبَق بفتح السين والباء، وهو الخطر الذي وقع عليه الرهان.
وإلى هذا القول ذهب أصحاب مالك، والشافعي، وأحمد.
- وادعت طائفة أنه مُحْكَم غير منسوخ، وأنه ليس مع مدعي نسخه حُجة يتعين المصير إليها.