للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولَ اللهِ قَالَ لِعَمَّارٍ، حِينَ جَعَلَ يَحْفِرُ الْخَنْدَقَ، وَجَعَلَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ، وَيَقُولُ: «بُؤْسَ ابْنِ سُمَيَّةَ، تَقْتُلُكَ فِئَةٌ بَاغِيَةٌ».

• تنبيه: رواية عكرمة كلها في بناء المسجد، وغالب روايات أبي نَضْرة: «حِينَ جَعَلَ يَحْفِرُ الْخَنْدَقَ».

قال ابن رجب في «فتح الباري» (٢/ ٤٩٣): ذِكر حفر الخندق في هذا الحديث فيه نظر، والصواب بناء المسجد.

• يدل على ذلك وجهان:

أحدهما: أن حفر الخندق لم يكن فيه نقل لَبِن، إنما كان يَنقل التراب، وإنما يُنقَل اللَّبِن لبناء المسجد.

والثاني: أن حديث أُم سلمة قد رُوي بلفظ آخَر، أنها قالت: ما نَسِيتُ الغبار على صدر رسول الله ، وهو يقول: «اللهم إن الخير خير الآخرة، فاغفر للأنصار والمُهاجِرة» إذ جاء عمار فقال: «ويحك - أو: ويلك - يا بن سُمية، تقتلك الفئة الباغية».

وأُم سلمة أين كانت من حفر الخندق؟! إنما كانت تُشاهِد بناء المسجد في المرة الثانية؛ لأن حجرتها كانت عند المسجد (١).


(١) قال ابن حجر في «فتح الباري» (١/ ٥٤٢): قوله: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم … » الحديث، واعلم أن هذه الزيادة لم يَذكرها الحُميدي في الجمع، وقال: إن البخاري لم يَذكرها أصلًا. وكذا قال أبو مسعود، قال الحُميدي: ولعلها لم تقع للبخاري أو وقعت فحَذَفها عمدًا.
قال: وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث.
قلت: ويَظهر لي أن البخاري حَذَفها عمدًا، وذلك لنكتة خفية، وهي أن أبا سعيد الخُدري اعترف أنه لم يَسمع هذه الزيادة من النبي ، فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة.
والرواية التي بَيَّنَتْ ذلك ليست على شرط البخاري، وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد، فذَكَر الحديث في بناء المسجد وحَمْلهم لبنة لبنة، وفيه: فقال أبو سعيد: فحدثني أصحابي، ولم أسمعه من رسول الله أنه قال: «يا بن سُمية، تقتلك الفئة الباغية». اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>