للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى أَكْرَمَنِي اللهُ ﷿ بِرِسَالَتِهِ، فَإِنِّي قَدْ قُلْتُ لَيْلًا لِغُلَامٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَ يَرْعَى مَعِي بِأَعْلَى مَكَّةَ: لَوْ أَنَّكَ أَبْصَرْتَ لِي غَنَمِي حَتَّى أَدْخُلَ مَكَّةَ فَأَسْمُرَ كَمَا يَسْمُرُ الشَّبَابُ، فَقَالَ: افْعَلْ " قَالَ: " فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا جِئْتُ أَوَّلَ دَارٍ مِنْ دُورِ مَكَّةَ، سَمِعْتُ عَزْفًا بِغَرَابِيلَ وَمَزَامِيرَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ

تَزَوَّجَ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ " قَالَ: " فَجَلَسْتُ أَنْظُرُ وَضَرَبَ اللهُ عَلَى أُذُنِي، فَنِمْتُ فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا مَسُّ الشَّمْسِ، فَجِئْتُ صَاحِبِي، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: " مَا صَنَعْتُ شَيْئًا، ثُمَّ أَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، ثُمَّ بِتُّ لَيْلَةً أُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: افْعَلْ، فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ مَكَّةَ، وَسَمِعْتُ مِثْلَ الَّذِي سَمِعْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَجَلَسْتُ أَنْظُرُ، وَضَرَبَ اللهُ عَلَى أُذُنِي، فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَرَجَعْتُ إِلَى صَاحِبِي، فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، ثُمَّ مَا هَمَمْتُ بَعْدَهَا بِسُوءٍ حَتَّى أَكْرَمَنِي اللهُ ﷿ بِرِسَالَتِهِ" (١).


(١) حسن لغيره: أخرجه ابن إسحاق كما في «السيرة» (ص: ٧٩)، ومن طريقه البخاري في «التاريخ الكبير» (٣٨٩)، والطبري في «تاريخه» (٣٩٣)، والبزار في «مسنده» (٦٤٠) وابن حبان (٦٢٧٢)، وأبو نعيم في «دلائله» (١٢٨)، والفاكهي في «أخبار مكة» (٢/ ٢٢)، والبيهقي في «دلائله» (٢/ ٣٣)، والحاكم في «مسنده» (٤/ ٢٤٠) حدثني محمد بن عبد الله ابن قيس بن مخرمة عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده علي ابن أبي طالب به.
وقال البزار: وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى إِلا عَنْ عَلِيٍّ بِهَذَا الإِسْنَادِ.
ومحمد بن عبد الله بن قيس روى عنه جماعة وذكره ابن حبان في الثقات وقال في «مشاهير علماء الأمصار» (ص: ٢١١): من متقنى أهل المدينة. وصححه ابن حبان والحاكم وقال ابن حجر في «المطالب العالية» عقب (٤٢١٢): هَكَذَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقُ حَسَنَةٌ جَلِيلَةٌ، وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَسَانِيدِ الْكِبَارِ إِلَّا فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ هُذا، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ مُتَّصِلٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» (٢/ ٢٨٨): وهذا حديث غريب جدا وقد يكون عن علي نفسه ويكون قوله في آخره «حتى أكرمني الله ﷿ بنبوته» مقحما. والله أعلم.
ووضعفه العلامة الألباني في تعليقه على «فقه السيرة» (ص: ٧٣) للغزالي.
ويشهد له ما أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (٩٢١)، و «الأوسط» (٧٦١٥) وابن المقرئ في «معجمه» (٢٩٠) من طريق مسعر بن كدام، عن العباس بن خديج، عن زياد بن عبد الله العامري، عن عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، أَنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَبَّيْتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ شَيْئًا؟ قَالَ: «لَا، وَقَدْ كُنْتُ مِنْهُ عَلَى مِيعَادَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سَامِرُ قَوْمِي، وَأَمَّا الْآخَرُ فَغَلَبَتْنِي عَيْنَايَ»

<<  <  ج: ص:  >  >>