المسكين من كل جهة في مجموع حالاته، فمَن لم يَسأل مسألة مسكين متضرع خائف، فهو معتدٍ.
ومن الاعتداء أن تعبده بما لم يشرعه، وتُثْني عليه بما لم يُثْنِ به على نفسه ولا أَذِن فيه. فإن هذا اعتداء في دعاء الثناء والعبادة. وهو نظير الاعتداء في دعاء المسألة والطلب.
وعلى هذا فتكون الآية دالة على شيئين:
أحدهما: محبوب للرب ﵎ مُرْضٍ له، وهو الدعاء تضرعًا وخُفية.
الثاني: مكروه له مبغوض مسخوط، وهو الاعتداء.
فأَمَر بما يحبه الله ونَدَب إليه، وحَذَّر مما يبغضه وزَجَر عنه بما هو أبلغ طرق الزجر والتحذير، وهو أنه لا يحب فاعله، ومَن لم يحبه الله فأي خير يناله؟!
وفي قوله: ﴿إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ عقب قوله: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ دليل على أن مَنْ لم يَدْعُه تضرعًا وخُفية، فهو من المعتدين الذين لا يحبهم، فقَسَّمَتِ الآية الناس إلى قسمين: داعٍ لله تضرعًا وخُفية، ومعتدٍ بترك ذلك (١).
وقال ابن الجوزي (ت/ ٥٩٧): الاعتداء في الدعاء فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن يدعو على المؤمنين بالشر، كالخِزي واللعنة. قاله سعيد بن جُبير ومُقاتِل.