وقال الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (٤/ ٩٣): ما عَلِمْتُ أحدًا من العلماء صَنَّف ما صَنَّف هذا الرجل، مات أبوه وله ثلاث سنين فرَبَّتْه عمته. ولما ترعرع حملته عمته إلى الحافظ ابن ناصر فاعتنى به وأسمعه الكثير، حَصَل له من الحظوة في الوعظ ما لم يَحصل لأحد قط، وحضر مجالسه ملوك ووزراء، بل وخلفاء من وراء الستر. وكان يَختم في كل أسبوع ختمة، ولا يَخرج من بيته إلا إلى الجمعة أو المجلس. من بدائع كلامه: عقارب المنايا تلسع، وخدران جسم الأمل يَمنع الإحساس، وماء الحياة في إناء العمر يرشح بالأنفاس. ومن كلامه: مَنْ قَنِع طاب عيشه، ومَن طَمِع طال طيشه. وقال عن نفسه في الخُطبة: كتبتُ بأصبعي ألفي مجلد، وتاب على يدي مِائة ألف، وأسلم على يدي عِشرون ألفًا. قال الذهبي: كان ابن الجوزي كثير الغلط فيما يصنفه؛ فإنه كان يَفرغ من الكتاب ولا يعتبره. قلت: نعم، له وهم كثير في تواليفه، يَدخل عليه الداخل من العجلة والتحويل إلى مُصنَّف آخَر. وقد قرأ بواسط وهو ابن ثمانين سنة بالعَشْر على ابن الباقلاني، وتلا معه ولده يوسف، نَقَل ذلك ابن نقطة عن القاضي محمد بن أحمد بن الحسن. انظر: «تذكرة الحفاظ» (٤/ ٩٣ فما بعد).