قال الذهبي في «سِيَر أعلام النبلاء» (٧/ ١٣٧): قد ساق مسلم لعكرمة بن عمار في الأصول حديثاً منكرًا. وقال ابن القيم في «زاد المعاد» (١/ ١١٠ - ١١٢): فهذا الحديث غلط لا خفاء به. قال أبو محمد بن حزم: وهو موضوع بلا شك، كَذَبَه عكرمة بن عمار. وقال ابن الجوزي في هذا الحديث: هو وهم من بعض الرواة، لا شك فيه ولا تردد، وقد اتهموا به عكرمة بن عمار؛ لأن أهل التاريخ أجمعوا على أن أم حبيبة كانت تحت عبد الله بن جحش، ووَلَدَتْ له، وهاجر بها وهما مسلمان إلى أرض الحبشة، ثم تَنصَّر، وثبتت أم حبيبة على إسلامها، فبَعَث رسول الله ﷺ إلى النجاشي يخطبها عليه، فزَوَّجه إياها، وأصدقها عنه صداقاً، وذلك في سنة سبع من الهجرة، وجاء أبو سفيان في زمن الهُدنة فدخل عليها، فثَنَتْ فِراش رسول الله ﷺ حتى لا يجلس عليه، ولا خلاف أن أبا سفيان ومعاوية أسلما في فتح مكة سنة ثمانٍ. وأيضاً: ففي هذا الحديث أنه قال له: وتُؤمِّرني حتى أقاتل الكفار كما كنتُ أقاتل المسلمين. قال: نعم. ولا يُعْرَف أن النبي ﷺ أَمَّرَ أبا سفيان البتة. وقد أكثر الناسُ الكلام في هذا الحديث، وتعددت طرقهم في وجهه: فمنهم مَنْ قال: الصحيح أنه تَزوَّجها بعد الفتح لهذا الحديث. قال: ولا يُرد هذا بنقل المُؤرِّخين. وهذه الطريقة باطلة عند مَنْ له أدنى علم بالسِّيرة وتواريخ ما قد كان. وقالت طائفة: بل سأله أن يُجَدِّد له العقد تطييباً لقلبه، فإنه كان قد تزوجها بغير اختياره. وهذا باطل، لا يُظن بالنبي ﷺ، ولا يليق بعقل أبي سفيان، ولم يكن من ذلك شيء.