وقال النووي في «شرحه على مسلم» (١١/ ٩٢):
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وْقَوْلُهُ: (أَهَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟) هَكَذَا هُوَ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» وَغَيْرِهِ (أَهَجَرَ؟) عَلَى الِاسْتِفْهَامِ، وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى: (هَجَرَ) وَ (يَهْجُرُ)؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ ﷺ؛ لِأَنَّ مَعْنَى (هَجَرَ): هَذَى.
وَإِنَّمَا جَاءَ هَذَا مِنْ قَائِلِهِ اسْتِفْهَامًا؛ لِلْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ قَالَ: (لَا تَكْتُبُوا) أَيْ: لَا تَتْرُكُوا أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَتَجْعَلُوهُ كَأَمْرِ مَنْ هَجَرَ فِي كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ ﷺ لَا يَهْجُرُ.
وَإِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَاتُ الْأُخْرَى، كَانَتْ خَطَأً مِنْ قَائِلِهَا، قَالَهَا بِغَيْرِ تَحْقِيقٍ، بَلْ لِمَا أَصَابَهُ مِنَ الْحَيْرَةِ وَالدَّهْشَةِ؛ لِعَظِيمِ مَا شَاهَدَهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ هَذِهِ الْحَالَةِ الدَّالَّةِ عَلَى وَفَاتِهِ، وَعَظِيمِ الْمُصَابِ بِهِ، وَخَوْفِ الْفِتَنِ وَالضَّلَالِ بَعْدَهُ، وَأَجْرَى الْهُجْرَ مُجْرَى شِدَّةِ الْوَجَعِ.
وَقَوْلُ عُمَرَ ﵁: (حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ) رَدٌّ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ، لَا عَلَى أَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ اه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute