وقد نازعه في ذلك الإسماعيلي، وقال: إنما سَمِعه حُمَيْد من ميمون بن سياه، عن أنس ﵁. قال: ولا يُحْتَجّ بيحيى بن أيوب في قوله: (ثنا حميد، ثنا أنس) فإن عادة الشاميين والمصريين جَرَتْ على ذكر الخبر فيما يروونه، لا يطوونه طي أهل العراق. يشير إلى أن الشاميين والمصريين يصرحون بالتحديث في رواياتهم، ولا يكون الإسناد متصلًا بالسماع. وقد ذَكَر أبو حاتم الرازي عن أصحاب بقية بن الوليد أنهم يصنعون ذلك كثيرًا. ثم استَدل الإسماعيلي على ما قاله بما خَرَّجه من طريق عُبيد الله بن معاذ: ثنا أبي، ثنا حميد، عن ميمون بن سياه قال: سألتُ أنسًا: ما يُحَرِّم دمَ المسلم وماله؟ قال: مَنْ شَهِد أَنْ لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله … الحديث. تنبيه: قال ابن حجر معقبًا على الإسماعيلي في «فتح الباري» (١/ ٤٩٨): هذا التعليل مردود، ولو فُتِحَ هذا الباب لم يُوثَق بروايةِ مُدلِّس أصلًا ولو صَرَّح بالسماع، والعمل على خلافه. ورواية معاذ لا دليل فيها على أن حُميدًا لم يسمعه من أنس؛ لأنه لا مانع أن يسمعه من أنس، ثم يَستثبت فيه من ميمون لعِلمه بأنه كان السائل عن ذلك، فكان حقيقًا بضبطه، فكان حميد تارة يُحَدِّث به عن أنس لأجل العلو، وتارة عن ميمون لكَوْنه ثَبَّته فيه، وقد جَرَتْ عادة حميد بهذا، يقول: (حدثني أنس، وثَبَّتني فيه ثابت) وكذا وقع لغير حُميد.