للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعبد الله بن المبارك (٣٥٢٠)، وعيسى بن يونس، كما عند النَّسَائي (٣٢٦٣): عن هشام بن حسان بلفظ: «إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ».

• والخلاصة لديَّ: أن الوجهين محفوظان (١) عن هشام بن حسان؛ ولذا فهو يتحملها، كما قال عيسى بن يونس في «سُنن الدارمي» (٢/ ١٠٧٩): «زَعَمَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَنَّ هِشَامًا أَوْهَمَ فِيهِ، فَمَوْضِعُ الْخِلَافِ هَا هُنَا».

في حين حَمَّله الإمام أحمد ل (عيسى بن يونس) (٢) فقد سُئل: ما أصح ما


(١) قال الشيخ الألباني في تحقيقه «صحيح ابن خُزيمة» (٣/ ٢٢٦): إسناده صحيح، وقد أُعِلَّ بتفرد عيسى بن يونس. ويَرُده الإسناد الذي بعده؛ ولذلك قد أشار ابن تيمية إلى تقويته، انظر رسالته في الصيام مع تعليقي عليها.
(٢) قال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٢/ ٩٧):
فَبَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ كَيْفَ حُكْمُ الصَّائِمِ إِذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ أَوِ اسْتَقَاءَ، وَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِنَا أَنْ تُحْمَلَ الْآثَارُ عَلَى مَا فِيهِ اتِّفَاقُهَا وَتَصْحِيحُهَا، لَا عَلَى مَا فِيهِ تَنَافِيهَا وَتَضَادُّهَا، فَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى مَا وَصَفْنَا؛ حَتَّى لَا يُضَادَّ مَعْنَاهُمَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ.
فَهَذَا حُكْمُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ. وَأَمَّا حُكْمُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ، فَإِنَّا رَأَيْنَا الْقَيْءَ حَدَثًا فِي قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ، وَغَيْرَ حَدَثٍ فِي قَوْلِ الْآخَرِينَ، وَرَأَيْنَا خُرُوجَ الدَّمِ كَذَلِكَ.
وَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ الصَّائِمَ إِذَا فَصَدَ عِرْقًا أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُفْطِرًا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ بِهِ عِلَّةٌ، فَانْفَجَرَتْ عَلَيْهِ دَمًا مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهِ. فَكَانَ خُرُوجُ الدَّمِ مِنْ حَيْثُ ذَكَرْنَا مِنْ بَدَنِهِ وَاسْتِخْرَاجُهُ إِيَّاهُ- سَوَاءً فِيمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَلِكَ هُمَا فِي الطَّهَارَةِ.
وَكَانَ خُرُوجُ الْقَيْءِ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْرَاجٍ مِنْ صَاحِبِهِ إِيَّاهُ- لَا يَنْقُضُ الصَّوْمَ، فَالنَّظَرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ بِاسْتِخْرَاجِ صَاحِبِهِ إِيَّاهُ كَذَلِكَ، لَا يَنْقُضُ الصَّوْمَ. فَلَمَّا كَانَ الْقَيْءُ لَا يُفْطِرُهُ فِي النَّظَرِ، كَانَ مَا ذَرَعَهُ مِنَ الْقَيْءِ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ.
فَهَذَا حُكْمُ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ، وَلَكِنَّ اتِّبَاعَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ أَوْلَى، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى- وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>