• وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» (٤/ ٨٠):
اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ:
فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إِذَا قَلَّدَ الْحَاجُّ هَدْيَهُ، فَقَدْ أَحْرَمَ وَحَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُلَبِّي بِالْحَجِّ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَشْعَرَ هَدْيَهُ.
وَاخْتَلَفُوا فِي تَحْلِيلِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْإِحْلَالُ كَالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاهُ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَكُونُ مُحْرِمًا إِلَّا مَنْ أَحْرَمَ وَلَبَّى، كَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: إِذَا نَوَى بِالتَّقْلِيدِ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ، فَهُوَ مُحْرِمٌ وَإِنْ لَمْ يُلَبِّ.
وَهَذَا كُلُّهُ عَنْهُمْ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ﴾ [البقرة: ١٩٧].
وَكُلُّهُمْ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُ الْحَجِّ وَتَلْبِيَتِهِ فِي حِينِ تَقْلِيدِهِ الْهَدْيَ وَإِشْعَارِهِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ، مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ، سَوَاءٌ خَرَجَ مَعَهُ أَوْ بَعَثَ بِهِ، وَأَقَامَ وَهُوَ يَفْعَلُهُ، يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ.
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ خَرَجَ بِهَدْيٍ لِنَفْسِهِ، فَأَشْعَرَهُ وَقَلَّدَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَلَمْ يُحْرِمْ هُوَ حَتَّى جَاءَ الْجُحْفَةَ. قَالَ: لَا أُحِبُّ ذَلِكَ، وَلَمْ يُصِبْ مَنْ فَعَلَهُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الْهَدْيَ وَلَا يُشْعِرَهُ إِلَّا عِنْدَ الْإِهْلَالِ، إِلَّا رَجُلٌ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ فَيَبْعَثُ بِهِ وَيُقِيمُ فِي أَهْلِهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: يَعْنِي حَالًّا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute