وَسُئِلَ مَالِكٌ: هَلْ يَخْرُجُ بِالْهَدْيِ غَيْرَ مُحْرِمٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الْإِحْرَامِ لِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ، مِمَّنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ، فَقَالَ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي نَأْخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ- قَوْلُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ بِهَدْيِهِ ثُمَّ أَقَامَ، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ هَدْيُهُ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُسْنَدِ: فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَرَى أَنَّ مَنْ بَعَثَ بِهَدْيٍ إِلَى الْكَعْبَةِ، لَزِمَهُ إِذَا قَلَّدَهُ أَنْ يُحْرِمَ، وَيَجْتَنِبَ كُلَّ مَا يَجْتَنِبُهُ الْحَاجُّ حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ.
وَتَابَعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَلَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَطَائِفَةٌ، مِنْهُمْ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ.
رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ قَالَ: أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ بُدْنَهُ قُلِّدَتْ، وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ جَارِيَتِهِ، فَانْتَزَعَهُ.
وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مَيْمُونُ بْنُ أَبِي شَبِيبٍ، قَالَ: مَنْ قَلَّدَ أَوْ أَشْعَرَ أَوْ جَلَّلَ، فَقَدْ أَحْرَمَ.
وَرُوِيَ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَثَرٌ مَرْفُوعٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﵇ وَفِيهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ وَعُلُومِ الدِّيَانَةِ، فَلَا يَعِيبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَكْثَرَ مِنْ رَدِّ قَوْلِهِ، وَمُخَالَفَتِهِ إِلَى مَا عِنْدَهُ مِنَ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute