للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - الاتساعية في جمع الطرق وتلمس وجه كلامه.

٣ - ضم كلام العلماء الآخرين إلى كلامه (١).


(١) ومن أمثلة ذلك حديثان في البخاري:
رقم (٤٩٢٠): عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : (صَارَتِ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي العَرَبِ بَعْدُ، أَمَّا وَدٌّ فَكَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ فَكَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَرْفِ عِنْدَ سَبَإٍ، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لآلِ ذِي الكَلَاعِ، أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ … ).
فائدة: في ضبط دال دومة الجندل فالمحدثون على فتحها وأهل اللغة على ضمها قال ابن دريد الفتح خطأ انظر «المصباح المنير» (م/ د و م).
ورقم (٥٢٨٦): عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : (كَانَ المُشْرِكُونَ عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ مِنَ النَّبِيِّ وَالمُؤْمِنِينَ: كَانُوا مُشْرِكِي أَهْلِ حَرْبٍ، يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ، وَمُشْرِكِي أَهْلِ عَهْدٍ، لَا يُقَاتِلُهُمْ وَلَا يُقَاتِلُونَهُ … ).
قال الحافظ أبو مسعود الدمشقي في «الأطراف»: هذان الحديثان ثبتا من تفسير ابن جُريج، عن عطاءٍ الخُرَاساني، عن ابن عباس. وابن جُريج لم يَسمع التفسير من عطاءٍ الخُرَاساني، إنما أَخَذ الكتاب من ابنه ونظر فيه.
وقال علي بن المديني في كتاب «العلل»: سمعتُ هشام بن يوسف قال: قال لي ابن جُريج: سألتُ عطاء عن التفسير من البقرة وآل عمران، فقال: أعفني من هذا. قال هشام: فكان بعد إذا قال: (عطاء عن ابن عباس) قال: الخُرَاساني.
قال هشام: فكتبنا حينًا ثم مللنا.
قال علي بن المديني: يعني كتبنا ما كتبنا أنه عطاء الخُرَاساني.
قال علي بن المديني: وإنما كَتَبْتُ هذه القصة لأن محمد بن ثور كان يجعلها عطاء عن ابن عباس، فظَن الذين حملوها عنه أنه عطاء بن أبي رباح.
والأرجح لديَّ: أن البخاري لم يُخرج لعطاءٍ الخُرَاساني، وقال بذلك الذهبي ومغلطاي، وابن حجر في الأشهر عنه.
قال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (٣/ ٧٠٢): وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» فِي تَفْسِيرِ (سُورَةِ نُوحٍ) هُوَ عَطَاءٌ هَذَا، وَأَنَا أَرَاهُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ.
وقال ابن حجر في «هَدْي الساري» (ص: ٣٧٦): فيحتمل أن يكون هذان الحديثان عن عطاء بن أبي رباح وعطاءٍ الخُرَاساني جميعًا، والله أعلم. فهذا جواب إقناعي. وهذا عندي من المواضع العقيمة عن الجواب السديد، ولا بد للجَوَاد من كبوة. والله المستعان.
وقال في «هَدْي الساري مقدمة فتح الباري» (ص: ٤٢٥): عطاءٌ الخُرَاساني مشهور مختلف فيه، ما عَلِمْتُ مَنْ ذَكَره في رجال البخاري سوى المِزي، فإنه ذَكَره في «التهذيب» وتَعلَّق بالقصة التي ذكرناها في الحديث الحادي والثمانين، في الفصل الذي قبل هذا، وليس فيها ما يَقطع بما زعمه. والله أعلم.
وذَكَر ابن حجر في «تهذيب التهذيب» وجوهًا سبقت، ثم قال: لا ينبغي الحُكْم على البخاري بالوهم بمجرد الاحتمال.
وقال في «تقريب التهذيب»: لم يصح أن البخاري أَخْرج لعطاء بن أبي مسلم الخُرَاساني. اه.
قلت (أبو أويس): والنفس إلى القول الثاني أَمْيَل، وإن كان تعليل مغلطاي يَحتاج إلى استقراء. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>