وكذلك كان هذان الصاحبان الإمامان، أحدهما يميل إلى التشديد والآخَر إلى الترخيص، وذلك في غير مسألة.
وعبد الله بن عمر كان يأخذ من التشديدات بأشياء لا يوافقه عليها الصحابة، فكان يَغسل داخل عينيه في الوضوء حتى عمي من ذلك، وكان إذا مَسَح رأسه أفرد أذنيه بماء جديد، وكان يَمنع من دخول الحَمَّام، وكان إذا دخله اغتسل منه. وابن عباس كان يَدخل الحَمَّام.
وكان ابن عمر يتيمم بضربتين: ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، ولا يقتصر على ضربة واحدة، ولا على الكفين. وكان ابن عباس يخالفه ويقول: التيمم ضربة للوجه والكفين.
وكان ابن عمر يتوضأ من قُبلة امرأته ويُفتِي بذلك، وكان إذا قَبَّل أولاده تمضمض ثم صلى. وكان ابن عباس يقول: ما أبالي قَبَّلتُها أو شممتُ ريحانًا.
وكان يأمر مَنْ ذَكَر أن عليه صلاة وهو في أخرى أن يُتِمها، ثم يصلي الصلاة التي ذكرها ثم يعيد الصلاة التي كان فيها. ورَوَى أبو يعلى الموصلي في ذلك حديثًا مرفوعًا في «مسنده» والصواب أنه موقوف على ابن عمر. قال البيهقي: وقد رُوي عن ابن عمر مرفوعًا ولا يصح. قال: وقد رُوي عن ابن عباس مرفوعًا ولا يصح. والمقصود أن عبد الله بن عمر كان يَسلك طريق التشديد والاحتياط.