تنبيه: قال يحيى بن أبي الخير بن سالم العمراني اليمني الشافعي (ت/ ٨٥٥) كما في «البيان في مذهب الإمام الشافعي»(١٢/ ٩٧ - ٩٩).
إذا ثبت هذا: فالناس في الهجرة على ثلاثة أضرب:
أحدهما: أن يكون ممن أسلم وله عشيرة تمنع منه، ولكنه يقدر على الهجرة، ويقدر على إظهار دينه، ولا يخاف الفتنة في دينه .. فهذا يستحب له أن يهاجر؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة: ٥١] ولقوله ﷺ: «لا تراءى ناراهما». ولا تجب عليه الهجرة.
والضرب الثاني: أن يكون ممن أسلم ولا عشيرة له تمنع منه، ولا يقدر على الهجرة لعجزه عن المشي، ولا له مال يمكنه أن يكتري منه ما يحمله .. فهذا لا تجب عليه الهجرة، بل يجوز له المقام مع الكفار.
والضرب الثالث: أن يكون ممن أسلم ولا عشيرة له تمنع منه، ولكنه يقدر على الهجرة بالمشي، وله مال يمكنه أن يكتري منه ما يحمله .. فهذا تجب عليه الهجرة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ٩٧] الآية. فأخبر الله: أن من كان مستضعفا بين المشركين وهو يقدر على الخروج من بينهم فلم يفعل .. فإن مأواه النار. فدليل خطابه: أن من لم يكن مستضعفا بينهم، بل يتمكن من إظهار دينه .. أنه لا شيء عليه، فثبت وجوب الهجرة على