للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد أشار إلى أن القبور ليست موضعًا للقراءة شرعًا؛ فلذلك حَضَّ على قراءة القرآن في البيوت ونَهَى عن جعلها كالمقابر التي لا يُقرأ فيها.

كما أشار في الحديث الآخَر إلى أنها ليست موضعًا لصلاة أيضًا، وهو قوله: «صَلُّوا في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا» أخرجه مسلم (٢/ ١٨٧) وغيره عن ابن عمر، وهو عند البخاري بنحوه، وتَرجم له بقوله: (باب كراهية الصلاة في المقابر) فأشار به إلى أن حديث ابن عمر يفيد كراهة الصلاة في المقابر.

فكذلك حديث أبي هريرة، يفيد كراهة قراءة القرآن في المقابر، ولا فَرْق.

ولذلك كان مذهب جمهور السلف كأبي حنيفة ومالك وغيرهم (١) كراهة القراءة عند القبور.


(١) ذَكَره عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم» (ص: ١٢٨) وقال: (ولا يُحْفَظ عن الشافعي نفسه في هذه المسألة كلام؛ وذلك لأن ذلك كان عنده بدعة. وقال مالك: ما عَلِمتُ أحدًا يَفعل ذلك. فعُلِم أن الصحابة والتابعين ما كانوا يفعلونه).
وقال في «الاختيارات العملية» (ص: ٥٣): (والقراءة على الميت بعد موته بدعة، بخلاف القراءة على المُحتضَر فإنها تُستحَب بـ «ياسين»).
قلت: لكن حديث (قراءة يس) ضعيف كما تقدم، والاستحباب حُكْم شرعي، ولا يَثبت بالحديث الضعيف، كما هو معلوم من كلام ابن تيمية نفسه في بعض مصنفاته وغيرها.
وأما جاء في كتاب «الرُّوح» لابن القيم (ص: ١٣): قال الخَلَّال: وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق، ثنا علي بن موسى الحداد - وكان صدوقًا - قال: كنتُ مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قُدامة الجوهري في جنازة، فلما دُفِن الميت جلس رجل ضرير يَقرأ عند القبر، فقال له أحمد: يا هذا، إن القراءة عند القبر بدعة!

<<  <  ج: ص:  >  >>