للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ، مِنْهُمْ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ … وَغَيْرُهُمْ، قَالُوا: الثَّيِّبُ يُجْلَدُ وَيُرْجَمُ.

وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ.

وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ، مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ … وَغَيْرُهُمَا: الثَّيِّبُ إِنَّمَا عَلَيْهِ الرَّجْمُ وَلَا يُجْلَدُ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ مِثْلُ هَذَا فِي غَيْرِ حَدِيثٍ، فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ وَغَيْرِهِ، أَنَّهُ أَمَرَ بِالرَّجْمِ وَلَمْ يَأْمُرْ أَنْ يُجْلَدَ قَبْلَ أَنْ يُرْجَمَ.

وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ المُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ.

أَعَلَّ الإمام الطبري الخبر، وأشار البزار إلى إعلال الجَلْد.

قال الإمام الطبري في «تفسيره» (٦/ ٤٩٨): وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصِّحَّةِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٥] قَوْلُ مَنْ قَالَ: السَّبِيلُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ جَلَّ ثناؤُهُ لِلثَّيِّبَيْنِ الْمُحْصَنَيْنِ - الرَّجْمُ بِالْحِجَارَةِ، وَلِلْبِكْرَيْنِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ؛ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ ، أَنَّهُ رَجَمَ وَلَمْ يَجْلِدْ، وَإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا فِيمَا نَقَلَتْهُ مُجْمِعَةً عَلَيْهِ - الْخَطَأُ وَالسَّهْوُ وَالْكَذِبُ، وَصِحَّةِ الْخَبَرِ عَنْهُ أَنَّهُ قَضَى فِي الْبِكْرَيْنِ بِجَلْدِ مِائَةٍ وَنَفْيِ سَنَةٍ.

فَكَانَ فِي الَّذِي صَحَّ عَنْهُ مِنْ تَرْكِهِ جَلْدَ مِنْ رَجَمَ مِنَ الزُّنَاةِ فِي عَصْرِهِ - دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى وَهْيِ الْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ، عَنْ عُبَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ: «السَّبِيلُ لِلثَّيِّبِ الْمُحْصَنِ: الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ».

<<  <  ج: ص:  >  >>