وذهب الجمهور إلى أنه لم يَسمع من أبيه إلا حديثًا استثناه أبو داود. وقيل: سَمِع أكثر من حديث، لكن في إسناد هذا ابن أبي أويس، فيه ضعف. وقال البيهقي: «قد اعتمده مالك بن أنس فيما أَرْسَل في «الموطأ» عن أبيه بُكَيْر، وإنما أَخَذه عن مَخْرَمة. واعتمده مسلم بن الحَجاج، فأَخْرَج أحاديثه عن أبيه، في «الصحيح» … فيحتمل أن يكون المراد بما حُكي عنه من إنكاره سماع البعض دون الجميع. والله أعلم. ثم هَبْ أن الأمر على ما حُكي عنه من الإنكار، أليس قد جاء بكتب أبيه الرجل الصالح، فإذا فيها تلك الأحاديث؟!» (معرفة السنن ١٢/ ٣٦٨). وقال العلائي: «أَخْرَج له مسلم عن أبيه عدة أحاديث، وكأنه رأى الوجادة سببًا للاتصال، وقد انتُقد ذلك عليه» «جامع التحصيل» (ص: ٢٧٥). وقال ابن القيم في رده إعلال حديثٍ من روايته عن أبيه: «والجواب عن هذا من وجهين: أحدهما: أن كتاب أبيه كان عنده محفوظًا مضبوطًا، فلا فرق في قيام الحجة بالحديث بين ما حَدَّثه به أو رآه في كتابه، بل الأخذ عن النسخة أحوط إذا تَيَقَّن الراوي أنها نسخة الشيخ بعينها. وهذه طريقة الصحابة والسلف. وقد كان رسول الله ﷺ يَبعث كتبه إلى الملوك، وتقوم عليهم بها الحجة، وكَتَب كتبه إلى عماله في بلاد الإسلام، فعملوا بها واحتجوا بها. ودَفَع الصِّديق كتاب رسول الله ﷺ في الزكاة إلى أنس بن مالك، فحَمَله وعَمِلَتْ به الأمة. وكذلك كتابه إلى عمرو بن حزم في الصدقات، الذي كان عند آل عمرو. =