التَّنْبِيْهُ الثَّانِيْ: ما ذكرناه من حفظ العبد الصالح في الأهل والولد معناه أنها كرامة يكرم بها الصالح بمشيئة الله تعالى، وقد لا يكرم بعض الصالحين بهذه الكرامة إشارة إلى أنه لا يجب على الله تعالى شيء، وأنه سبحانه وتعالى له الاختيار فيما يتفضل به على عبادة، وأنه سبحانه وتعالى هو الفاعل الحقيقي المتفضل بحفظ الولد وإصلاحه، وليس لصلاح أبيه تأثير في الحقيقة، وإنما جعل الله تعالى صلاحه سببًا لتوفيق ولده في الغالب، وقد لا يجعله سببًا لذلك ليسلم الصالحون من الشرك الحاصل باعتقاد تأثير صلاحهم في توفيق أولادهم وأهليهم، ولئلا يتكلوا في إصلاح أولادهم على صلاح أنفسهم، فيتركوهم من التأديب والتعليم، أو يتكل الأولاد على صلاح آبائهم، ويتوانوا عن الجِد والاجتهاد في التعلم والتأدب، وليعلم الصالحون وأولادهم وأهلوهم أن الخير الواصل إلى الأولاد والأهلين إنما موصلة إليهم على الحقيقة هو الله تعالى، والآباء والأهلون وسائط.
كما قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه: الأدب أدب الله، لا أدب الآباء والأمهات، والخير خير الله، لا خير الآباء والأمهات (١).
قصة نوح عليه السلام وابنه وامرأته، وقصه لوط عليه السلام وامرأته اعتبارًا لهذه الحقيقة، حيث قال في قصة نوح وابنه:{قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}[هود: ٤٦]؛ أي: إنه ذو عمل