رحمهم الله تعالى فانتهى به إلى حائط له، فقال له: يا أبا حمزة! ترى هذا الحائط؟ قلت: بلى يا بن رسول الله، قال: فإني اتكأت عليه يوماً وأنا حزين، فإذا رجل حسن الوجه، وحسن الثياب ينظر في وجهي، ثم قال لي: يا علي! يا بن الحسين! ما لي أراك كئيبا حزيناً؟ أَعَلَى الدنيا؟ هو رزقٌ حاضرٌ يأكل منه البَرُّ والفاجر، فقلت: ما عليها أحزن، هو كما تقول، فقال: أَعَلَى الآخرة؟ هو وعدٌ صادقٌ تَحَكَّم فيه ملك قاهر، قلت: ما على هذا أحزن لأنه كما تقول، قال: وما حزنك يا علي يا بن الحسين؟ قلت: في الخوف من فتنة ابن الزبير، فقال لي: يا علي! هل رأيت أحداً سأل الله فلم يعطه؟ قلت: لا، قال: فخاف الله فلم يَكْفِهِ؟ قلت: لا، ثم غاب عني، فقيل لي: يا علي! هذا الخضر عليه السلام (١).
وقوله:(فخاف الله) تقديره: فهل رأيت أحداً خاف الله فلم يَكْفِهِ ما خاف منه؟
ومن خاف من عذاب الله أو من غيره خشيةَ أن يسلطه الله عليه، كفاه الله تعالى ما خاف منه.
٥٦ - ومنها: البكاء من خشية الله تعالى، أو شوقاً إلى لقائه، وخصوصاً عند تلاوة القرآن:
قال الله تعالى:{وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا}[الإسراء: ١٠٩]
(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٣/ ١٣٤). قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (٩/ ١١٤): لفظ (الخضر) مزاد فيه من بعض الرواة.