وليس غرضنا الآن بيان القصة بأطرافها، وإنما نذكر التنقيب على قوم نوح، والتفتيش على قبائح أفعالهم ليحذر المؤمن التشبه بهم فيها، ويتنزه عن مقارفتها وتعاطيها.
[١ - فمنها: الكفر.]
كما شهد عليهم به نوح عليه السَّلام بقوله: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٦، ٢٧].
[٢ - ومنها -وهو نوع مما قبله-: عبادة الأصنام، والتحريض عليها.]
وقد تقدم في التشبه بالشيطان أنه هو الذي صور لهم هذه الأصنام على صورة أولاد آدم، وكانوا صالحين فعبدوا تلك الصور.
وذى الثعلبي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن نوحاً كان يحرس جسد آدم عليهما السلام على جبل بالهند يحول بين الكافرين وبين أن يطوفوا بقبره، فقال لهم الشيطان: إنما هو جسد، وأنا أصور لكم جسدًا تطوفون به، فنحَتَ خمسة أصنام، وحملهم على عبادتها؛ وهي: وُد، وسُول، وَيغوث، وَيعُوق، ونسر، فلما كان أيام الغرق دفن الطوفان تلك الأصنام وطمها التراب، فلم تزل حتى أخرجها الشيطان لمشركي العرب.