والعدو يعيب عدوه بما لا يعد عيباً، أو كان فرعون يعلم اللَّثغة من موسى عليه السلام إمَّا لأنَّها كانت في أصل الخلقة، أو لمَّا كان موسى عليه السَّلام صغيراً في حجر فرعون تناول لحيته، فغضب فرعون وأراد قتله، وقال: هذا عدوي.
فقالت له آسية بنت مزاحم امرأة فرعون: إنَّه صغير لا يعقل، وأمرته أن يقدم له الجمر والتمر، فتناول جمرة بيده فوضعها في فيه، فاحترقت يده ولسانه، فبقي أثر ذلك في لسانه (١).
وكان فرعون يعهد هذا من موسى، ولم يعلم أنَّ الله تعالى عافاه منها أو عيَّره بها بعد زوالها.
وكثير من الحمقى يعيرون أعداءهم ونظرائهم بما تقدم لهم من نقص وعيب وإن زال.
وفرعون كان في أعلى طبقات الحماقة.
وقيل: كانت لموسى عليه السَّلام حدة، فكان يتردد في الكلام إذا ابتدأ، ثم يفصح، فعابه فرعون بذلك، ولذلك قال فرعون:{وَلَا يَكَادُ يُبِينُ}[الزخرف: ٥٢]، ولم يقل: ولا يُبيِّن.
* تنبِيهٌ:
مُعادي أولياء الله تعالى ومُؤْذيهم متعرض للهلاك إلَّا أن يتوب؛
(١) رواه الطبري في "التفسير" (١٦/ ١٥٩) عن السدي، والحاكم في "المستدرك" (٤٠٩٧) عن وهب بن منبه.