للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

ولما كان الطبع يسرق من الطبع، ويسري إليه - خصوصاً مع طول الصحبة، والمعاشرة - حتى يدعو ذلك الشخص إلى تخلقه بخلق مجاوره ومعاشره، كما ترى ذلك كثيراً في كثير من الحيوانات المتوحشة إذا أكثر مقامها بين الناس أَلِفَتْهُمْ، وفهمت إشاراتهم، ومنها ما يقبل التعليم كالببغاء، والقُمْرِيِّ من الطير، والفهد والقرد من السباع والبهائم، بل تبلغ من تآلفها بهم أن لو خرجت عنهم لاستوحشت إلى الأنس بهم، ونفرت عن الوحشة منهم، ولذلك قيل: للمجاورة تأثير، وقيل: من عاشر قوماً أربعين يوماً صار منهم.

لَمَّا كان ذلك كذلك، جاء النهي عن الإقامة في بلاد الكفار وعن مساكنتهم ومجاورتهم، والأمر بالهجرة عنهم، فروى أبو داود، والترمذي، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" عن جرير بن عبد الله رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَنَا بَرِيْءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيْمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِيْنَ؛ لا تَراءَىْ ناراهُما" (١).


(١) رواه أبو داود (٢٦٤٥)، والترمذي (١٦٠٤). قال العراقي في "تخريج=

<<  <  ج: ص:  >  >>