وتارة تقتضي الظهور بمظهر الجلال والقهر، والانتقام والاستقصاء فيه، فيمتنع القطر وتقحط الأرض حتى يموت بعض دواب الأرض.
وقد يكون السر في ذلك استعتاب الناس، وتأديبهم وقودهم بأزمة البلاء والشدة إلى الطاعة والتوبة، أو إحقاق الكلمة على من سبقت له - والعياذ بالله - في علمه الشقاوة والهلاك، ويفعل الله سبحانه وتعالى في ملكه ما يشاء.
التَّنْبِيهُ الثَّانِي:
ينبغي للإنسان أن لا يكون أعجز من الجمادات والبهائم في الدعاء لأهل العلم والاعتناء بشأنهم، والاستغفار للمؤمنين والاهتمام بأمورهم، لا ينبغي له أن يلعن شيئاً لما تقدم أن المؤمن لا يكون من خلقه كثرة اللعن ولا يكون الصديق لعاناً وإن جاز له أن يلعن العصاة والكفار من غير تعيين واحد بنفسه.
وقد قالوا: إنَّ الذكر والتسبيح أَعْوَدُ على الإنسان من الاشتغال بلعن الشيطان؛ فإنه يغضب من الذكر ما لا يغضب من اللعن.
روى ابن أبي الدنيا في "الصمت" عن مجاهد قال: قَلَّ ما ذكر الشيطان قوم إلا حضرهم، فإذا سمع أحداً يلعنه قال: لقد لعنت مُلَعَّناً.
قال: ولا شيء أقطع لظهره من: لا إله إلا الله (١) وقد تقدم هذا المعنى في محله.
(١) رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت وآداب اللسان" (ص: ٢٠٥).