للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: والمثال الثاني: أنكم تأخذون السارق فتغرمونه أو تقتلونه، ولا تأمرونه برد السرقة إلى صاحبها, ولو فعلتم بالشرع فقطعت يده اليمنى، وإن عاد قطعت رجله اليسرى، بقي في الناس عَجَباً كل من يراه ينزجر عن مثل فعله، فإن هذا أبلغ من القتل؛ فإن المقتول يوارى عن الأعين سريعا فينساه الناس، وهذا يبقى بين الناس.

فقال لي: صدقت.

وكان هذا الأمير أمير الحاج الشامي، وكانت هذه المذاكرة في الطريق ذهاباً، فلما رجعنا من الحج ثبت على رجل سرقة نصاب، فلما عرض على الأمير تذكَر ما ذاكرته، فقال: اذهبوا فاقطعوا يده.

فألقى السارق نفسه على قدمي الأمير يقبل خفيه، ويقول له: أنت في حل من دمي، فاقتلني، لا تقطع يدي فأبقى مشهورًا بين الناس.

فقال له: هذا حكم الشرع.

ثم رأيت هذا الأمير بعد مدة، فقال لي: لقد ظهر لي حقيقة ما ذكرتم من أن الشرع أبلغ من السياسة، وذكر لي قصة السارق.

[١٠٢ - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه بالنعاس عند مذاكرة العلم، واستماع الموعظة، وتلاوة القرآن.]

روى الدينوري في "المجالسة" عن خالد بن صفوان رحمه الله تعالى: أن رجلًا قال له: إني إذا رأيتكم تتذاكرون الأخبار، وتتدارسون الآثار, وتتناشدون الأشعار؛ وقع عليَّ النعاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>