للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٢ - ومنها: أنهم حيث لا يريدون بأعمالهم إلا وجه الله تبارك وتعالى فلا يتقربون من كل نوع من أنواع القربات إليه إلا بأحسنها وأحبها إليه، ولا يؤثرون أنفسهم عليه بشيء لأنَّ رغبتهم إليه وحرصهم عليه؛ فإنَّهم أخيار الأبرار.

وقد قال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢].

وقد روى الإمام أحمد في "الزهد"، ومن طريقه: أبو نعيم عن يزيد بن ميسرة رحمه الله تعالى قال: كان إبراهيم عليه السلام يُطعم الناس والمساكين أسمنَ ما يكون في غنمه، ويذبح لأهله المهزول والرَّديء منها، فكان أهله يقولون له: تذبح للناس والمساكين السمين من غنمك وتطعمنا المهزول؟ فقال إبراهيم: بئس مالي إن ألتمسْ خيرَ ما عند ربي بشرِّ مالٍ (١).

وقد كان لولا ضرورة العبد واحتياجه إلى ما به قوامه من شرط عبوديته أن يخرج عن كل ما سوى محبوبه الذي هو معبوده إلا أن الله تعالى رضي من العبد وأتم تبرره بأن يخرج عن بعض محابِّه، وكان من شرط المقربين أن البعض الذي يخرجون عنه من المحاب ما سوى قدر ضرورته، ومن هنا شرط عيسى بن مريم عليه السلام على من طلب اللحاق به أن يخرج عن ماله كما روى الإمام أحمد في "الزهد" عن خيثمة رحمه الله قال: قال عيسى بن مريم عليهما السلام لرجل: تصدق


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٥/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>