للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: فقلت لها: لا أنزلك العمران، ولا أنزل على معرفة، فأجابت، فأسأت الظن بها وقلت: الله أصدق، فقلت: أقاتل العدو حاسرًا لتكون في أول قتيل، فأجابت.

وعد أشياء مما أرادها فأجابت إلى ذلك كله، فقلت: يا رب! نبهني لها؛ فإني متهم لها، مصدق ذلك، فكوشفت كأنها تقول لي: يا أحمد! أنت تقتلني كل يوم بمنعك إياي من شهواتي، ومخالفتك، ولا يشعر به أحد، فإن قاتلت قُتِلت مرة واحدة فنجوت منك، وتسامع الناس بي، فيقال: استشهد أحمد، فيكون لي شرفًا وذكراً.

قال: فقعدت، ولم أخرج إلى الغزو في ذلك العام.

قال حجة الإِسلام الغزالي: وانظر إلى خدل النفس وغرورها! ترائي الناس بعد الموت بعمل لم يكن بعد.

قال: ولقد أحسن القائل هنا: [من البسيط]

تَوَقَّ نَفْسَكَ لا تَأْمَنْ غَوائِلَها ... فَالنَّفْسُ أَخْبَثُ مِنْ سَبْعِيْنَ شَيْطانًا (١)

* تَنْبِيْهٌ:

روى الإِمام محمَّد بن جرير الطبري عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مُؤْمِنُوْ أُمَّتىْ شُهَدَاءُ"، ثم تلا


(١) انظر: "منهاج العابدين" للإمام الغزالي (ص: ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>