للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* تَتِمَّةٌ:

قال الله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ}؛ قال ابن جريج: عبادتكم.

{أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: ٢٦]؛ قال: أن يقتل هو وقومه أبناءكم، ويستحيي نساءكم كما كنتم تفعلون بهم. رواه ابن المنذر (١).

وكان ذلك على طريقة الملوك من مقابلة الانتقام بالانتقام.

وهذا يدل على غباوة فرعون وقلة إنصافه؛ فإنه عدَّ من خصمه فساداً ما كان يراه من نفسه صلاحاً على ما فسر كلامه به ابن جريج.

وكذلك كل معجب برأيه في خصومته.

حكي أنه لما قال ذلك قال له بعض قومه: لا تقتله؛ فإنه ساحر، فإذا قتلته ظن الناس أنك عجزت عن قطعه بالحجة، بل ناظره.

وعندي: أن قول فرعون إن كان قد قاله قبل نظره إلى معجزة العصا فهو على حقيقته؛ فإنه كان يظن أنه قادر على قتل موسى لقوة سلطانه في نفسه، واعتقاده في نفسه الربوبية.

وإن كان بعد ظهور المعجزة ونظره إليها فهذا قاله على سبيل التشجيع لنفسه وإظهار القوة عند قومه، وهو في نفسه قد مُلِئ منه رعباً.

أو قاله وهو يظن أن أمر العصا سحر، وأن سحر الساحرين يقابله ويغلبه.


(١) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٧/ ٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>