الماء بكى، اهتز العرش، فقال تعالى: رحمتي سبقت غضبي (١).
والمراد من اهتزاز العرش لهذه الأمور المبالغة في تهويلها كما في قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠)} [مريم: ٨٨ - ٩٠].
ويجوز أن يكون اهتزاز العرش على حقيقته، وله وجهان:
الأول: أن هذه الأمور لشدة كراهية الله تعالى لها يغضب، فتضطرب الملائكة عليهم السلام لغضبه، فيهتز العرش بسبب اضطرابهم؛ فإن حملة العرش منهم وهم أقرب الملائكة إلى الله تعالى - ولا أعني قرب المسافة - فهم أشد غضبًا لله، واضطرابًا لغضبه.
والثاني: أن الله تعالى لا يبعد على قدرته أن يخلق في العرش إدراكاً لهذه الأمور وقبحها، فيضطرب لذلك.
وفي العزم تأليف جزء لطيف في هذا المعنى.
* تَنْبِيْهٌ:
قال الله تعالى حكاية عن لوط عليه السلام قال: {إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (١٦٨) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (١٦٩) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٧٠)} [الشعراء:
(١) رواه أبو جعفر العبسي في "العرش وما روي فيه" (ص: ٧٥)، قال الذهبي في "العلو للعلو الغفار" (ص: ٩٠): إسنادها متصل، لكن لا أعرف التابعي.