للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنبعث في المعصية.

وفيه دليل على أن الخديعة ليست من أخلاق الأبرار، ولا اللؤم من صفاتهم.

* فائِدَةٌ ثامِنَةَ عَشْرَةَ:

روى الإِمام أحمد، وغيره عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: إنَّ المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإنَ الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرَّ على أنفه، فقال به هكذا، فذبه عنه (١).

وأراد أن المؤمن يهتم لذنبه، ويخاف العقوبة؛ لأنه مصدق بالوعيد، والفاجر يتمرن على الذنب ويرين الذنب على قلبه، فيضعف تصديقه بالوعيد، فلا يهتم للذنب، ولا يخاف العقوبة، فلا يبادر إلى التوبة ولا يعتني بأمرها، بخلاف المؤمن البر.

وروى ابن أبي الدنيا في كتاب "محاسبة النفس" عن الحسن في قوله تعالى: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: ٢]؛ قال: إنَّ المؤمن لا نراه إلا يلوم نفسه؛ ما أردت بأكلتي؟ ما أردت بالكلمة؟ ما أردت بحديثي؟ نفسي؟ ولا أراه إلا معاتبها، وإن الفاجر يمضي قدما لا يعاتب نفسه (٢).

ومعنى قوله: قُدُما -بضم القاف والدال المهملة، وبإسكانها-؛ أي: شجاعاً في المعصية، له جرأة عليها.


(١) رواه الإِمام أحمد في "المسند" (١/ ٣٨٣)، وكذا رواه البخاري (٥٩٤٩).
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس" (ص: ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>