وهذا فيه إشارة إلى أن التحذير من أعمال الأمم السالفة، والتنفير عن التشبه بهم خلق نبوي قديم، وأَن التذكير بالأمم الماضية ليس إلا للتنفير عن مثل أعمالهم التي كانت سبباً لهلاكهم، وأن الشقاق والجدال من أخلاق قوم شعيب وأعمالهم، وأنه يفضي بصاحبه إلى التصميم على رأي النفس ومتابعة الهوى حتى يكون ذلك مانعًا للمرء عن اتباع الحق، فيكون من الهالكين.
وفي قوله:{وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} تلميح بأنهم كانوا مرتكبين مثل أعمالهم.
وقد سبق أن عمل قوم لوط كان فاشياً في أصحاب الرَّسِّ، وهم أصحاب الأيكة على بعض الأقوال، وهذا غير بعيد لأن الشر متى فتح بابه تتابع الناس عليه لميلهم إلى التقليد، وبذلك يشتد طمع الشيطان فيهم، ولا تجد باباً من الشر فُتح إلا واتسع بعد فتحه خرقُه، وبَعُد على كل مؤمن رتقُه.
* تنبِيْهٌ ثالِثٌ:
الخصال التي توارد عليها الأمم الهالكة عشر: الكفر، وقسوة القلب، والظلم، والبطر، والجرأة، والإصرار، والأمن من مكر الله، ونقض المواثيق والعهود، وكفران النعم، والاغترار بالله.
قال كعب الأحبار لأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما: في التوراة: