للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنما هو لكثرة اختلاطهم بالأعجام والأروام، وطول مجاورتهم لهم، وللمجاورة تأثير، فلما خالطوهم وجاوروهم، وكانت الدولة في هذه الأعصار للأعاجم والروم استحسنوا أفعالهم، وتخلَّقوا بأخلاقهم من لباس زيهم، واستخدام المُرد الحسان، وتشكيلهم، وكثرة النظر إليهم، وفشا ذلك في أكثر الناس حتى لم يبال بهذه العظائم غالبهم؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وقد روى الإمام أحمد عن سهل بن سعد، والحاكم وصححه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهُمَّ لَا يُدْرِكْنِيْ زَمانٌ وَلا تُدْرِكُوا زَمانًا لا يُتْبَعُ فِيْهِ العَلِيْمُ، وَلا يُسْتَحْيىَ فِيْهِ مِنَ الْحَلِيْمِ، قُلُوْبُهُمْ قُلُوْبُ الأَعاجِمِ، وَأَلسِنتهُمْ ألسِنَةُ العَرَبِ" (١).

وروى الترمذي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذا مَشَتْ أُمَّتِي الْمُطَيْطاءَ، وَخَدَمَها أَبْناءُ الْمُلُوْكِ أَبْناءُ فارِسَ والرُّومِ، سَلَّطَ اللهُ شِرارَها عَلَى خِيارِها" (٢).

[١٠ - ومن قبائح العجم: أكل الحشيش المسكر.]

قال الزركشي في "زهر العريش": قيل: إن أول ظهورها كان على يد حيدر الأعجمي في سنة خمسين وخمسمئة تقريبًا، ولهذا سميِّت


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٣٤٠) عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -.
والحاكم في "المستدرك" (٨٥٥٧) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) رواه الترمذي (٢٢٦١) وقال: غريب. والمطيطاء: التبختر في المشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>