للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - ومنها: كلف الأذى عن أخيه مع احتمال الأذى منه.

ألا ترى إلى قوله: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ} [المائدة: ٢٨].

روى ابن النجار في "تاريخه" عن عبد الرحمن الحبلي - قال: شكى رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاره، فقال: "كُفَّ عَنْهُ أَذَاكَ، وَاصْبِرْ عَلَى أَذَاهُ؛ فَكَفَى بِالْمَوْتِ مُفَرِّقًا" (١).

وما كانَ بينَ متجاورَينِ أو متقارِبَينِ أو متصادقينِ أفضل من عشرة كُلِّ واحِد منهُما الآخرَ على الإنصافِ والاتِّفاق على الحقِّ وعدمِ الاختلافِ.

وقد روى الخرائطي في "المكارم"، وأبو نعيم عن عائشة رضي الله تعالى عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "كَفَى بِهَا نِعْمَةً أَنْ يَتَجَاوَرَ الْمُتَجَاوِرَانِ، أَوْ يتَخَالَطَا، أَوْ يَصْطَحِبَا، فَيَفْتَرِقَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُوْلُ لِصَاحِبِهِ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا" (٢).

وقلت في عقد هذا الحديث: [من الطويل]

تَصاحَبْتُما في مُدَّةٍ وَافْتَرَقْتُما ... وَكُلٌّ يَقُولُ الْخَيْرَ في وَصْفِ صاحِبِهْ

فَما بَعْدَها مِنْ نِعْمَةٍ وَفَضِيْلَةٍ ... لِطالِبِ فَضْلٍ في الزَّمانِ وَكاسِبِهْ


(١) ورواه المروزي في "البر والصلة" (ص: ١١٥)، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (ص: ١٠٣).
(٢) رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص: ٢٥٤)، وكذا العقيلي في "الضعفاء" (٣/ ٣٨٧) وقال: قال البخاري: عيسى بن ميمون منكر الحديث، ولا يعرف هذا الحديث إلا بعيسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>