للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي" (١).

* فائِدَةٌ ثامِنَةٌ وَعِشرُونَ:

روى الإمام أحمد في "الزهد" عن بشير الدمشقي قال: قيل لناحية من الأرض: إن عيسى بن مريم عليهما السلام مارٌّ بكم.

قال: فنزلوا من الغيران (٢)، والجزائر، وأظلة الأشجار، ورؤوس الجبال.

قال: فمر بهم، فقال: اللهم اغفر لنا، اللهم اغفر لنا؛ ثلاثاً.

قالوا: يا روح الله! إنا رجونا أن نسمع منك اليوم موعظة، ونسمع منك شيئاً لم نسمعه فيما مضى!

فأوحى الله عَزَّ وَجَلْ إلى عيسى عليه السلام: قل لهم: إني من أغفر له مغفرة واحدة أصلح له بها دنياه وآخرته (٣).

قلت: وجه ذلك أن كل مولود يولد على الفطرة، فأصل كل مؤمن أن يكون على الفطرة، ومن كان على الفطرة فهو صالح بلا شك، فإذا خلط المؤمن وغفر الله تعالى تخليطه؛ والمغفرة الستر؛ بأن يستره في الدنيا، ولا يفضحه في الآخرة؛ لأنه إذا غفر في الدنيا فكرمه يقتضي أن لا يفضحه في الآخرة، لأن الكريم إذا جاد بشيء لم يرجع فيه، فبقي العبد


(١) رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (٨/ ٤٨).
(٢) جاء على هامش "أ": "الغيران: جمع غار، وهو الكهف".
(٣) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٢/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>